القرار العربي

تأسس مركز بحوث ودراسات الدول النامية في أبريل سنة 1995، بهدف أساسي هو دعم الأبحاث الأساسية في مجال التنمية بمعناها الواسع، والذي يشمل أبعادها المتعددة، من سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية. وهو بهذا التحديد لهدفه يكون المركز الوحيد في مصر الذي يتخصص في أبحاث التنمية بمنظور متعدد الفروع العلمية.
وإلى جانب ذلك يهتم المركز بوضع قضية التنمية على قائمة اهتمامات الرأي العام في مصر، ورأى المتخصصين كذلك، والمشاركة في دعم تدريس مقررات التنمية في الجامعات المصرية، كما يسعى إلى طرح وجهة نظر مصرية في قضايا التنمية، وبنشر وجهة النظر هذه من خلال اتصالاته بالمراكز العلمية المناظرة في الجامعات الأجنبية، وخصوصاً جامعات دول الجنوب.
وتحقيقاً لهذه الأهداف، يولى المركز أهمية خاصة لإجراء الأبحاث الأساسية في مجال التنمية، وسبيله إلى ذلك هو تنفيذ برامج بحثية، يستغرق كل منها عامين على الأقل، وقد نفذ حتى الآن برنامجين، أولهما حول القوى الدافعة للتنمية، والثاني عن مفاهيم التنمية لدى القوى الاجتماعية والسياسية في مصر. وهو بسبيل تنفيذ برنامجه الثالث في الوقت الحاضر حول القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. وتتسم هذه البرامج بأن المشاركين فيها يشكلون فرقاً بحثية تضم متخصصين في علوم الاقتصاد والاجتماع والسياسة، وغيرها من الفروع العلمية الأخرى ذات الصلة بقضايا التنمية، وحصيلة هذه البرامج البحثية مجموعة من الكتب ينفرد بتأليف كل واحدة منها خبير واحد. وقد نشر المركز حتى الآن (ثمان) من هذه الكتب. وهو بسبيل إعداد كتب البرنامج البحثي الثاني للنشر.
ويجرى العمل في الفريق البحثي من خلال المتابعة المستمرة للمركز عن طريق حلقات العمل، ويعرض نتاج البرنامج للتقييم قبل انتهاء البرنامج باجتماعات تعقد مع المتخصصين وذوى الخبرة من خارج الفريق البحثي للبرنامج، وتطرح النتائج النهائية في مؤتمر عام ختامي للبرنامج.
ويشمل إجراء البحوث الأساسية أيضاً التقويم المتصل لجهود التنمية في مصر، وذلك من خلال الفريق المكلف بإعداد تقرير التنمية الشاملة في مصر، والذي يغطي جهود التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية في مصر. ويشرف على هذا الفريق هيئة تحرير من خمس أساتذة، ويضم الفريق ما لا يقل عن عشرين من الأساتذة والخبراء في فروع علمية متعددة فضلاً عن المساعدين الإداريين والفنيين. ويغطى التقرير جوانب التنمية في مصر، من خلال اختيار موضوع رئيسي، وكذلك بعرض جداول تقدم أحدث البيانات عن هذه الجوانب بالاعتماد على المصادر المحلية. وقد أصدر المركز تقريره الأول، وكان موضوعه أبعاد عملية الإصلاح في مصر، وهو بصدد إعداد تقريره الثاني للنشر، وموضوعه الرئيسي هو القطاع الخاص والتنمية في مصر. ويصدر هذا التقرير مرة كل سنتين.
ويتبع المركز أساليب متعددة لإبقاء قضية التنمية حية في الأذهان، وفى صدر اهتمامات الرأي العام، منها تنظيم ندوات قضايا التنمية، والتي تدور حول قضايا التنمية الملحة، مثل العشوائيات، والفساد، والأبعاد الاجتماعية والسياسية للإصلاح الاقتصادي، و "المشروعات القومية الكبرى" ودور الأحزاب في التنمية، ويقدم لهذه الندوات أبحاث تجمل الدراسات التي دارت حول موضوعها، بهدف إجراء نقاش حولها. ويحرص المركز على أن يدعو لهذه الندوات شخصيات من المهتمين بموضوعها، ليس من بين الأكاديميين فحسب، ولكن من كبار رجال الدولة، والقادة النقابيين، ورجال الأعمال، فضلاً عن ممثلين لأجهزة الإعلام المختلفة. وتنشر أعمال هذه الندوات في صورة كتب ضمن سلسلة قضايا التنمية التي صدر منها حتى الآن تسعة عشر كتاب.
والأسلوب الثاني لإبقاء قضية التنمية ضمن قائمة اهتمامات الرأي العام والمتخصص هو تنظيم سلسلة محاضرات عامة تسمي محاورات التنمية يدعى لها عدد من أبرز المهتمين بقضية التنمية فكراً وممارسة، في مصر والعالم العربي والدول الأجنبية، وتنظم هذه المحاضرات براقع مرة كل أسبوعين. وشارك في هذه المحاضرات عدد من أبرز الشخصيات السياسية والعلمية المصرية والأجنبية، منهم السادة عمرو موسى، ود. أحمد جويلي، ومحمود أمين العالم، وأحمد عبد المعطي حجازي، وجمال الغيطاني، وأسامة أنور عكاشة، ومحمد فائق، ود.خالد إكرام، وإسماعيل سراج الدين، وليزا اندرسن (جامعة كولومبيا)، وهنرى شتاينر (جامعة هارفارد)، وغيرهم كثيرون.
وتحظى هذه الأنشطة في العادة بتغطية إعلامية صحفية وإذاعية وتليفزيونية واسعة. ولا شك أن التدريب هو وسيلة أخري لنشر فكر التنمية والمهارات المطلوبة لإدارتها وفى هذا السياق نظم المركز دورتين للباحثين الشبان حول دراسات المستقبل، ودورتين أخريين للعاملين بالصندوق الاجتماعي حول تخفيف حدة الفقر والنهوض بأوضاع النوع.
ويسعى المركز إلى أن يضرب مثلاً لكيفية اتخاذ القرار الرشيد في مجال التنمية في مصر، وذلك بأن يقدم من خلال أنشطته نموذجاً للحوار البناء حول هذه القضايا يجمع بين شركاء التنمية الأساسيين من العاملين ورجال الأعمال والحكومة، والجمهور الذي يتأثر إيجاباً أو سلباً يعمل هؤلاء الفاعلين الاقتصاديين. ولذلك يفتخر المركز بأنه ربما كان المركز العلمي الوحيد في جامعة القاهرة الذي حرص على أن يشارك ممثلون عن العمال والفلاحين في أنشطته المختلفة، بل إنه قد وجه الدعوة، وأعطي الكلمة لواحد من سكان العشوائيات في الندوة التي خصصها لبحث قضية العشوائيات في ارتباطها بنماذج التنمية.
وأخيراً يستهدف المركز طرح وجهة نظر مصرية وعربية حول قضايا التنمية، وأن ينقل وجهة نظره على أوسع نطاق ممكن. ولذلك اهتم المركز بنشر بعض دراساته باللغة الإنجليزية. فكتاب التحول الهيكلي في أفريقيا ومصر، وكذا كتاب العولمة: وجهة نظر الجنوب صدرا باللغة الإنجليزية. كما يحرص المركز على أن يضع ملخصاً لكتبه باللغة الإنجليزية على غلاف مطبوعاته. وفضلاً على ذلك، فإن موقع المركز على شبكة الإنترنت كان أداة للتواصل مع كثيرين خارج الوطن العربي. ودخل المركز في علاقات تعاون وثيقة مع جامعات ومراكز بحثية أجنبية، من أهمها جامعات مانشستر ونيوكاسل في بريطانيا وكاليفورنيا وهارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية.
ولا يهمل المركز دوره في دعم تدريس التنمية في الجامعات المصرية. وخصص لذلك سلسلة من حلقات النقاش، وأصدر إحدى كراسات التنمية التي تعرض خلاصة النقاش الذي دار حول هذه المسألة، ووزعها على نطاق واسع بين القائمين على تدريس التنمية في الجامعات المصرية.
ويدخل في هذا الإطار أيضاً إعلام المهتمين بقضية التنمية بالأفكار والممارسات الجديدة والخلافة في مجالها. ويتحقق ذلك من خلال نشرة رؤى جديدة التي أصدر المركز أربع أعداد منها، وسوف تدخل محتوياتها في إصدار المركز الجديد –نداء الجنوب- والذي سيجمع ثلاثاً من إصدارات المركز السابقة، هي بالإضافة إلى رؤى جديدة، محاورات التنمية، وكراسات التنمية. كما يتيح المركز فرصة لنشر الأبحاث التي تجعل من التنمية محورها، والتي تجرى خارج نطاق أنشطة المركز في سلسلة كراسات التنمية. وأخيراً، يشجع المركز الباحثين في مجالات التنمية على الاستفادة من مكتبته المتخصصة، والتي تضم عدداً لا بأس به من أحدث التقارير السنوية للمنظمات الدولية والمحلية العاملة في مجال التنمية، فضلاً عن قائمة متميزة من الكتب التي تتناول هذه القضايا.
وحتى يتم إيصال أبحاث المركز لمن يهتمون بقضايا التنمية، يولى المركز اهتماماً كبيراً لنشر خلاصة أبحاثه. ويتم ذلك من خلال عدد من السلاسل، في مقدمتها سلسلة قضايا التنمية والتي صدر منها حتى الآن 19 كتاب، وسلسلة مكتبة التنمية، والتي صدر منها 8 كتب، بالإضافة إلى محاورات التنمية ، 5 أعداد من رؤى جديدة، وكراسات التنمية.